اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 294
عندما ندرس ما ذكره بعيدا عن
أحكامه الخاصة، فسنكتشف الحقيقة على لسان أعدائها، كما يقال.
فقد قال الذهبي في ترجمته له:
(محمد بن محمد بن علي بن أبي طالب، الوزير الكبير، الخنزير، المدبر، المبير، مؤيد
الدين ابن العلقمي، البغدادي، الشيعي، الرافضي، وزير الخليفة الإمام المستعصم
بالله، ولي وزارة العراق أربعة عشر سنة، فأظهر الرفض قليلا، ذكره بهاء الدين ابن
الفخر عيسى الموقع يوما فقال: كان وزيرا كافيا، قادرا على النظم، خبيرا بتدبير
الملك، ولم يزل ناصحا لمخدومه حتى وقع بينه وبين حاشية الخليفة وخواصه منازعة فيما
يتعلق بالأموال والاستبداد بالأمر دونه، وقويت المنافسة بينه وبين الدويدار
الكبير، وضعف جانبه حتى قال عن نفسه:
وزير رضي من بأسه وانتقامه.. بطي
رقاع حشوها النظم والنثر
كما تسجع الورقاء وهي جماعة..
وليس لها نهي يطاع ولا أمر
فلما فعل ما فعل كان كثيرا ما
يقول: وجرى القضاء بضد ما أملته)[1]
فهذا النص إن استبعدنا تلك
الأحكام القاسية، والألفاظ البذيئة، واكتفينا بالمصدر الذي استند إليه، ووافقه،
لوجدنا أن ذلك الوزير بنص الذهبي نفسه كان صاحب خبرة ودراية، ولكنه منع من أداء
وظيفته، فلذلك راح ينشد تلك الأبيات.
وهذا يدل على عكس ما يصوره
الطائفيون من أن الأمر كله كان له، وأنه هو الذي كان يصانع التتر ويراسلهم، مع أن
الذهبي نفسه أخبر أن الذي كان يفعل ذلك هم العباسيون أنفسهم، فقد قال متحدثا عن
والد المستعصم: (وكان المستنصر بالله (والد
المستعصم) قد استكثر من الجند حتى بلغ عدد عساكره مائة ألف فيما بلغنا، وكان مع ذلك يصانع التتار