اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29
أيضاً، وكان
عُمّاله وجباته من أقسى خلق الله على الناس، ما مرّ ببلد تاجر إلا قصم الجُباة
ظهره، وما بدت على إنسان علامة من علامات اليسار، إلا أُنذِر بعذاب من رجال
السلطان، وكان الفلاحون والضعفاء معه في جُهد، ما أينعت في حقولهم ثمرة إلا
تلقّفها الجباة، ولا بدت سنبلة قمح إلا استقرت في خزائن السلطان، حتى أملق الناس
في أيامه، وخلّفهم على أبواب محن ومجاعات حصدت الناس حصدا)[1]
مع العلم أن
حسين مؤنس ليس مثل يوسف زيدان أو غيره من الذين يعتبرون صلاح الدين مجرما من مجرمي
العالم الكبار، بل هو يدافع عنه، ويحاول أن يسوغ ما أطاق جرائمه، ليخففها، أو يجعل
لها بعض القابلية.
وزيادة على ذلك
كله، فقد قام ـ بواسطة وزيره الذي عينه نائبا عنه على مصر بهاء الدين قراقوش ـ
بتكليف الرعية بهدم العديد من الأهرامات الصغيرة، وحمل حجارتها لبناء قلعة القاهرة
وأسوار عكا وغيرها، مثلما فعل الفراعنة تماما حينما كلفوا المصريين بحمل الحجارة
على ظهورهم لبناء تلك الأهرامات.
وقد ذكر ذلك
المقريزي، فقال: (اعلم أنّ الأهرام كانت بأرض مصر كثيرة جدّا، منها بناحية بوصير
شيء كثير، بعضها كبار، وبعضها صغار، وبعضها طين ولبن، وأكثرها حجر، وبعضها مدرج،
وأكثرها مخروط أملس، وقد كان منها بالجيزة تجاه مدينة مصر، عدّة كثيرة كلها صغار
هدمت في أيام السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب على يد قراقوش، وبنى بها قلعة الجبل
والسور المحيط بالقاهرة، ومصر والقناطر التي بالجيزة)[2]
وهذه جريمة لا
ترتبط بأولئك المستضعفين الذين حملوا تلك الحجارة على
[1]
صلاح الدين الأيوبي بين العباسيين والصليبيين: 157.
[2]
المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار (1/ 210)، وذكره أيضا: عبد اللطيف البغدادي
في كتابه (الإفادة والاعتبار في الأمور والمشاهدات والحوادث المعاينة بأرض مصر)
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 29