ولدى وصولهم استقبلوا بحفاوة
بالغة، ثم عقد اجتماع حافل في جامع الهندي حضره الكثير من العلماء والوجهاء ورؤساء
العشائر، وخطب فيه السيد محمد سعيد الحبوبي، والشيخ عبد الكريم الجزائري والشيخ
محمد جواد الجواهري، حيث ذكروا وجوب مشاركة الحكومة المسلمة في دفع الكفّار عن
بلاد الإسلام[2]، ثم قام مبدر آل فرعون رئيس عشيرة آل فترلة فألقى كلمة قال فيها:
(إن الاتراك إخواننا في الدين، وواجب علينا مساعدتهم في طرد الأعداء من بلادنا) [3]
وبعدها ذهب الشيخ حميد الكليدار
إلى الكوفة لمقابلة المرجع الديني الأعلى السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي وعرض
أمر الجهاد عليه، فوافق السيد اليزدي على إرسال ولده السيد محمد لينوب عنه في
استنهاض العشائر للجهاد.
وفي 16 كانون الأول 1914م صعد
اليزدي المنبر في الصحن الحيدري وخطب في الناس خطبة حثّهم فيها على الدفاع عن
البلاد الإسلامية، وأوجب على الغني العاجز بدناً، ان يجهّز من ماله الفقير القوي.
فكان لكلامه صدى رددته الأطراف[4]
وهكذا توجّه من النجف إلى ساحة
الحرب عن طريق الفرات عدد من المجتهدين مع
[1]
يذكر د. علي الوردي في لمحاته ج4/ ص: 127: (ان أهم ما كان يخالج ذهن الحكومة – يقصد
العثمانية – يومذاك، هو كيف يمكن تحريض الشيعة
للانضمام إلى حركة الجهاد، وكان أول ما فكرت فيه الحكومة في هذا الشأن هو ارسال
وفد إلى النجف، ومما يجدر ذكره ان الشيعة لا يجيزون الجهاد إلاَّ إذا كان بأمر أو
موافقة من الامام المعصوم، غير انهم يجيزون الجهاد في حالة تعرض البلاد الاسلامية
لخطر مهاجمة الكفار لهم، وهم عند ذلك يطلقون عليه اسم [الدفاع])
[2]
عبد الرحيم محمد علي: الجهاد ضد الانكَليز أو النفير العام 1914م – مخطوط – ضمن
موسوعته [فصول من تاريخ النجف]، ج4.
[3]
عبد الشهيد الياسري: البطولة في ثورة العشرين، ص: 68 -69.
[4]
محمد رضا الشبيبي: في مسيرة النضال – مجلة البلاغ
الكاظمية، س4/ع5.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 259