ولم يكتفوا بذلك، بل كانوا كل
حين يرفضون الدخول في أي تحالفات مع الغزاة في وجه الدولة العثمانية، والأمثلة على
ذلك كثيرة جدا، ومنها أن علماء الشيعة في النجف، كربلاء، الكاظمية ومختلف البلاد
العراقية دعو إ إلى اعلان الجهاد فور تعرّض العراق لهجوم القوات البريطانية، وقد
كتبوا في ذلك الفتاوى يعلنون فيها الجهاد المقدس والنفير العام[2].
وقد كانت تلك الفتاوى والبيانات
تتلى علناً في المساجد، وينادى بها في الأسواق، وأخذ الوعاظ والخطباء يلهبون مشاعر
الناس بخطبهم الحماسية، ويؤكدون فيها أن الانكَليز إذا احتلوا العراق فسيهدمون
مساجده وعتباته المقدسة ويحرقون القرآن، وينتهكون حرمات النساء، ويذبحون الأطفال
والشيوخ، فاجتمع الناس في الساحات والميادين وصحون العتبات ينتظرون أوامر علمائهم،
فأصدر العلماء أمراً بوجوب الدفاع عن كل مسلم، وأبرقوا بهذا المضمون إلى العشائر
المحيطة بالبصرة، ثم توالت الاجتماعات، وألقيت الخطب المثيرة[3].
ففي الكاظمية، وفي المنبر وقف
السيد مهدي الحيدري، فوعظ وحرّض، وأعلن خروجه بنفسه إلى ميدان الحرب[4]، أما النجف فوصلها وفد من بغداد مؤلف من بعض الشخصيات كمحمد فاضل
باشا الداغستاني، وشوكت باشا، والشيخ حميد الكليدار
[1]
نقلا عن : الاحتلال البريطاني للبصرة سنة 1914م، وموقف علماء السنة ومراجع الشيعة،
بقلم د0 حاكم المطيري.
[2]
أحمد الحسيني: الامام الثائر السيد مهدي الحيدري، ص: 29.
[3]
د. علي الوردي: لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث، ج4/ ص: 127، نقلا عن: حركة
الجهاد وموقف النجف ضد الغزو الأجنبي للعراق (1332 – 1333هـ /
1914م)، كامل سلمان الجبوري، مؤسس المتحف الوثائقي لثورة العشرين، في النجف ومديره
سابقاً – لبنان، وهكذا سائر النصوص التالية.
[4]
محمد حسن آل ياسين: مقابر قريش أو الكاظمية، مجلة الأقلام البغدادية، س1/ ع3،
1964.
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 258