اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 233
هكذا يذكرون من غير أن يكلفوا
أنفسهم بتطبيق ما أمر الله تعالى به من مناهج قبل الحكم على الأشياء، ومنها قوله
تعالى: { وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ
وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا } [الإسراء: 36]
ولكن الحقد مثل الحب يعمي ويصم؛
فقد جعلهم حبهم وتمجيدهم للعثمانيين يغفلون عن كل تلك الجرائم التي شوهوا بها
أنفسهم، وشوهوا معها القيم الإسلامية، في نفس الوقت الذي راحوا يرمون الأكاذيب على
الصفويين من غير أن يبحثوا عن الحقائق من مصادرها.
ونحن كما ذكرنا سابقا، لا نؤمن
بمنهج الصفويين والعثمانيين في الحكم، لمخالفته لنظام الحكم الإسلامي المبني على
التداول على السلطة، وعلى القيم العادلة، وعلى ولاية الشريعة وفقهائها، لا
المستبدين والظلمة، لكنا مع ذلك لا نكتفي بوضع الطرفين في سلة واحدة، بل نحكم
عليهما بما تطلبه الشريعة من العدل والتحقيق، من غير أن نميل لأي طرف من الأطراف.
وعندما نرجع إلى المصادر
التاريخية التي يعتمدها أولئك الذين يلفقون هذه التهمة نجد أن العثمانيين لم
يصارعو الصفويين فقط، بل صارعوا الجميع، بل إن التاريخ العثماني لم يكن سوى تاريخ
صراع، والدولة العثمانية ليست سوى جيش كبير، همه الأكبر أن يصارع، ولا يهمه من
يصارع.
ولذلك كان الصراع هو السمة
البالغة لكل العثمانيين، والذي يبدأ عادة بالصراع مع الأسرة، وينتهي بالصراع مع
العالم.. وهو يتنافى مع القيم التي ينبي عليها نظام الحكم في الإسلام، وأهمها
السلام، كما قال تعالى: { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ
كَافَّةً} [البقرة: 208]، وقال: {وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا
وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [الأنفال: 61]
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 233