اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 208
وهكذا راح هذا السلطان إلى بلاد
الحجاز، واستولى على الحرمين، وصار خادما لهما، كما يذكر، ثم راح إلى اليمن التي
استعصت عليه، فقد ظلت في فترة خضوعها للحكم العثماني (1538-1635م) تنازعها قوى
العثمانيين والأئمة الزيدية، (فالعثمانيون لم يستطيعوا أن يضمنوا سيطرة حقيقية على
البلاد نتيجة لحركة المقاومة التي تواجههم)[1]
وهذا يدل على أن اليمنيين مثل
غيرهم لم يكونوا راغبين في التسليم للعثمانيين، وإلا لما استمرت مقاومتهم لها.
وهكذا احتل السلاطين العثمانيين
أكثر الدول العربية، واستعملوا لكل دولة الحيل الخاصة بها، وارتكبوا أثناء احتلالهم
أبشع أنواع الجرائم، وارتكبوا بعد احتلالهم كل أنواع اللصوصية، من فرض الإتاوات،
والمساهمة في التخلف الذي لا زلنا نعيشه.
وبما أن الصلابي وغيره من
الإسلاميين يتكتمون على تلك الجرائم؛ فسأذكر نماذج عنها من خلال مصادر تاريخية
أخرى، ربما تكون أكثر مصداقية، وقد عبر أحدها عن ذلك، فقال: (عبر ستمائة عام، سيطر
العثمانيون – ولو صوريًا – على ما يقرب من نصف بلاد العالم، على أطلال
الخلافات الإسلامية وأوروبا الشرقية، فذاق من ظلمهم وتوحشهم كل الشعوب التي وقعت
تحت وطأتهم، وعلى رأسهم الشعوب العربية في جزيرة العرب والخليج ومصر وشمال
إفريقيا، ومنذ سقوطها في الأول من نوفمبر 1923م، على يد مصطفى كمال الدين أتاتورك،
بإعلان تأسيس الدولة التركية الحديثة، لم ينسَ أحد من المحيط إلى الخليج ومن الغرب
إلى الشرق، تلك الجرائم والمذابح التي ارتكبها العثمانيون في تلك الفترة التاريخية
من الزمن، باستثناء النظام الحاكم للدولة التركية)[2]