اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 181
المال، تقدم إليه ويستكف بها
الشر المرهوب لديه. فكم حال كانت بخروجه نتلف، ونعمة بأيدي طاغية تنتسف، والرعية
حاطها الله في هذا العام على ما يقتضيه، ما عم البلاد من الفساد، وشملها من جائحة
القحط والجراد تكليفها أداء شيء من المال الذي التزم مرتفع، وأخذها بالمعونة على
ما ناب ممتنع، فلم يبق إلا أن نميل بهذه الكلفة على الخدمة ميل العموم، ونجريهم
فيها على أحسن مجاري التحرير والتقويم، وهي حال تقتضي من كل من أحسن التأمل
المعونة فيها، والمبادرة بحسب طاقته إليها، وقد أدرجت طي رقعتي هذه قنداقاً تسمى
الخدمة قبلك فيه، ورسم على كل واحدٍ منهم ما توجبه حاله وتقتضيه، فتقدم في ما
نصصته من الحال إليهم، وكلمهم بما يخفف الحال عندهم ويسهلها لديهم، ولتقبض ذلك كله
في أعجل ما يمكن، فالحاجة إليه وكيدة، والضرورة حافزة شديدة)[1]
وحتى لا يبقى ما ذكره ابن حزم
وابن بسام وغيرهما نظريا محضا، فسأذكر نموذجا عن بعض الطغاة من ملوك بني عباد على
إشبيلية في الأندلس، وكيف تعامل مع رعيته، ومع أهوائه، وهو المعتضد بالله أبو عمرو
عبَّاد بن محمد بن إسماعيل اللخمي[2] (407 هـ - 461 هـ)، وهو ثاني ملوك بني عباد على إشبيلية، وقد خلف
أباه، وقام بحروب كثيرة مع سائر المدن الأندلسية، من أجل توسيع إمارته، وقد نجح في
ذلك حيث وسعها إلى مناطق كثيرة إلى أن استولى على قرطبة
وقد جمع له الذهبي بطريقته في
الجمع بين المتناقضات بين الثناء العريض، مع ذكره لجرائمه التي كانت تستحق الذم لا
المديح، فقد قال في ترجمته في [سير أعلام النبلاء]: (المعتضد بالله صاحب
الأندلس.. قاضي إشبيلية، ثم ملكها.. حكم على المدينتين قرطبة