اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 179
الأقوات التي لا تؤخذ إلا منهم،
ولا توجد إلا عندهم من الدقيق والقمح والشعير والفول والحمص والعدس واللوبيا
والزيت والزيتون والملح والتين والزبيب والخل وأنواع الفواكه والكتان والقطن
والصوف والغنم والألبان والجبن والسمن والزبد والعشب والحطب. فهذه الأشياء لابد من
ابتياعها من الرعية عمار الأرض وفلاحيها ضرورة. فما هو إلا أن يقع الدرهم في
أيديهم، فما يستقر حتى يؤدوه بالعنف ظلماً وعدواناً بقطيع مضروب على جماجمهم كجزية
اليهود والنصارى، فيحصل ذلك المال المأخوذ منهم حق عند المتغلب عليهم، وقد صار
ناراً، فيعطيه لمن اختصه لنفسه من الجند الذين استظهر بهم على تقوية أمره وتمشية
دولته، والقمع لمن خالفه والغارة على رعية من خرج من طاعته أو رعية من دعاه إلى
طاعته، فيتضاعف حر النار، فيعامل بها الجند التجار والصناع، فحصلت بأيدي التجار
عقارب وحيات وأفاعي، ويبتاع بها التجار من الرعية، فهكذا الدنانير والدراهم كما
ترون عياناً دواليب تستدير في نار جهنم، هذا ما لا مدفع فيه لأحد، ومن أنكر ما
قلنا بلسانه فحسبه قلبه يعرفه معرفة ضرورية، كعلمه أن دون غد اليوم، فإذا فاتنا
الخلاص فلا يفوتنا الاعتراف والندم والاستغفار، ولا نجمع ذنبين: ذنب المعصية وذنب
استحلالها، فيجمع الله لنا خزيين وضعفين من العذاب، نعود بالله من ذلك) [1]
ثم راح يذكر أنواع الإتاوات
والضرائب التي كانت تنزل على رؤوس عامة الناس كل حين، فقال: (وأما في زماننا هذا
وبلادنا هذه، فإنما هو باب أغلق فرقت بين زماننا هذا والزمان الذي قبله، لأن
الغايات إنما هي جزية على رؤوس المسلمين يسمونها بالقطيع، ويؤدونها مشاهرة وضريبة
على أموالهم من الغنم والبقر والدواب والنحل، يرسم على كل رأس، وعلى كل خلية شيء
ما، وقبالات ما، تؤدى على كل ما يباع في الأسواق، وعلى إباحة