اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 178
ثم بين وجوب النهي عن المنكر،
وأنه لا تقية فيه، فقال: (فأما الغرض الذي لا يسع أحداً فيه تقية، فأن لا يعين
ظالماً بيده ولا بلسانه، ولا أن يزين له فعله ويصوب شره، وعاديهم بنيته ولسانه عند
من يأمنه على نفسه، فإن اضطر إلى دخول مجلس أحدهم لضرورة حاجة أو لدفع مظلمة عن
نفسه أو عن مسلم، أو لإظهار حق يرجو إظهاره، او الانتصاف من ظالم آخر، كما قال
تعالى: {وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ} [الأنعام: 129] أو لصداقة سالفة، فقد يصادق الإنسان المسلم اليهودي
والنصراني لمعرفة تقدمت، أو لطلب يعانيه، أو لبعض ما شاء الله عز وجل، فلا يزين له
شيئاً من أمره ولا يعنيه ولا يمدحه على ما لا يجوز، وإن أمكنه وعظه فليعظه، وإلا
فليقصد إلى ما له قصد غير مصوب له شيئاً من معاصيه، فإن فعل فهو مثله، قال الله
تعالى: { وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ}
[هود: 113])[1]
ثم ذكر مدى انتشار المحرمات في
الأندلس تلك البلاد التي يصور المغفلون أن المسلمين ذهبوا إليها ليعطوا صورة جميلة
عن الإسلام ترغب أهلها في الدخول إليه، فقال: (وأما ما سألتم عنه من وجه السلامة
في المطعم والملبس والمكسب، فهيهات أيها الإخوة، إن هذا لمن أصعب ما بحثتم عنه
وأوجعه للقلوب وآلمه للنفوس. وجوابكم في هذا ان الطريق ها هنا طريقان: طريق الورع،
فمن سلكه فالأمر والله ضيق حرج. وبرهان ذلك أني لا أعلم لا أنا ولا غيري بالأندلس
درهما حلالاً ولا ديناراً طيباً يقطع على أنه حلال، حاشا ما يستخرج من وادي لاردة
من ذهب، فإن الذي ينزل منه في أيديهم، يعني أيدي المستخرجين له بعد ما يؤخذ منهم
ظلماً فهو كماء النهر في الحل والطيب، حتى إذا ضربت الدراهم وسبكت الدنانير
فاعلموا أنها تقع في أيدي الرعية فيما يبتغونه من الناس من