اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 177
ما حرم الله، غرضهم فيها استدام
نفاذ أمرهم ونهيهم)[1]
فهذه الشهادة لابن حزم الفقيه
الكبير، وليست لمستشرق أو مستغرب، وهو سني ظاهري متشدد مع المخالفين مبدع لهم،
وليس رافضيا ولا مجوسيا، ولا من أي طائفة من الطوائف التي تتهمونا بالطعن في رموز
السنة.. وهي واضحة في الدلالة على أن تواجد المسلمين هناك لم يكن في مصلحة أحد،
لا في مصلحة الإسبان السكان الأصليين، ولا في مصلحة عوام المسلمين، ولا في مصلحة
الإسلام نفسه.
ولم يكتف ابن حزم بذلك، بل راح
يخاطب الناعقين بالمجد المزيف، وكأنه يعيش بيننا، ليدعوهم للاعتراف بالحقيقة، وعدم
الكذب على أنفسهم، وعدم الوقوع في تلك التلبيسات التي يلبس بها أولئك الفقهاء
الذين صاروا سندا للمستبدين في استبدادهم، فقال: (فلا تغالطوا أنفسكم ولا يغرنكم
الفساق والمنتسبون إلى الفقه، اللابسون جلود الضأن على قلوب السباع، المزينون لأهل
الشر شرهم، الناصرون لهم على فسقهم. فالمخلص لنا فيها الإمساك للألسنة جملة واحدة
إلا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذم جميعهم؛ فمن عجز منا عن ذلك رجوت أن
تكون التقية تسعه، وما أدري كيف هذا، فلو اجتمع كل من ينكر هذا بقلبه لما غلبوا.
فقد صح عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم أنه قال: (من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع
فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان)، وجاء في بعض الأحاديث: ليس وراء
ذلك من الإيمان شيء، أو كما قال a؛ وجاء في الأثر الصحيح عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم: (لتأمرن بالمعروف ولتنهون عن المنكر، أو ليعمنكم الله بعذاب)،
واعلموا رحمكم الله انه لا عذاب أشد من الفتنة في الدين، قال الله تعالى:
{وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} [البقرة: 191])[2]