اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 161
المغرب والأندلس. ويقول صاحب
[الذخيرة السنية] مشيراً إلى الموقعة أنه قتل من المسلمين خلق كثير لا يحصر، وفيها
فنى جيوش المغرب والأندلس)[1]
هذه مجرد نماذج عن بعض الدماء
التي سالت في الأندلس من المسلمين وغيرهم طيلة ثمان قرون كاملة، وهي تفسر لنا سر
انتشار الإسلام في إفريقيا وآسيا، وعدم انتشاره في أوروبا، ذلك أن ما حصل فيها من
مقاتل ـ سماها المسلمون انتصارات ـ كانت أكبر حجاب بينهم وبين الإسلام، وقد كان
يمكن للمسلمين تفاديها وعدم الوقوع فيها لو أنهم فقهوا القرآن الكريم، وتخلوا عن
دين الفئة الباغية، وأصحاب الملك العضوض.
كان يمكنهم أن يرجعوا إلى ديارهم
بمجرد تحريرها، وحينها لن تسيل دماؤهم، ولا دماء الأندلسيين أو غيرهم، وحينها
سيكون للمسلمين تاريخ آخر أكثر إشراقا وجمالا.
لكن ذلك للأسف لم يحدث، والمشكلة
الأكبر ليس في تلك الأحداث، وإنما في الفخر بها، فلا زال الكثير من المسلمين إلى
الآن يحلم بالعودة للأندلس، وهو يحمل السيف ليحررها من أهلها من جديد، مثلما فعل
سلفه.
3 ـ الفاتحون.. والفتن والصراع:
عندما نقرأ المواقف التمجيدية
لما يسمونه [الحضارة الإسلامية في الأندلس]، أو ما يعبرن عنها بـ [الفردوس
المفقود]، نشعر بتلك العلمانية التي يعاني منها العقل المسلم، وهو يدرس الأحداث
التاريخية بمعزل عن القرآن الكريم، أو السنة المطهرة، أو القيم النبيلة التي خزنها
الله في فطرنا وعقولنا التي لم يصبها الاختلاط.
فالله تعالى أخبر أن علامة مجد
هذه الأمة وخيريتها هو تمسكها بالقيم، ودعوتها إليها، وتضحيتها في سبيلها بكل
المصالح، كما قال تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ