اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 160
أربعين ألفاً أخرى، لتوزع على
قواعده. ويقول لنا صاحب روض القرطاس إن الروم (القشتاليين) وكانوا ثمانين ألف
فارس، ومائتي ألف راجل، فقتلوا أجمعين ولم ينج منهم إلا ألفنش في مائة فارس، ومن
الغريب أن هذه الأرقام نفسها هي التي وردت في خطاب الفتح الرسمي الذي بعث به يوسف
إلى المغرب)[1]
لكن ذلك الزهو، وتلك النشوة التي
أصابت ابن خلدون أو الذهبي أو غيرهما عند نقلهم لأبناء تلك الانتصارات سرعان ما
تحولت إلى آلام شديدة بسبب انتكاسات وهزائم لا تقل عن تلك الانتصارات التي حصلت في
تلك الموقعة.
وقد عبر الذهبي عن تلك الهزيمة
في موقعة العقاب بقوله: (وفيها كانت الوقعة المشهورة بوقعة العقاب بالأندلس بين
محمد بن يعقوب بن يوسف بن عبد المؤمن الملقب بالناصر، وبين الفرنج، ونصر الله
الإسلام، واستشهد بها خلق كثير)[2]
واكتفى بذلك، لكن عنان ذكر ما
حصل بالضبط من خلال المصادر الكثيرة، فقال: (من المسلم أن خسائر المسلمين في معركة
العقاب كانت فادحة جداً. والروايات الإسلامية تجمع كلها على أن الجيش الموحدي، قد
هلك معظمه. بيد أنها تذهب أحيانا إلى تقديرات لا يستسيغها العقل، ومن ذلك ما يقوله
صاحب روض القرطاس أنه لم ينج من الجيش الموحدي إلا الواحد من الألف، فإذا ذكرنا
أنه يقدر جموع الجيش الموحدي بأكثر من نصف مليون، فمعنى ذلك أنه لم ينج من
الموحدين في المعركة سوى خمسمائة جندى، وهذا منتهى الإغراق. ثم هو من جهة أخرى
يقول لنا بأن سبب هذه الكثرة الفادحة من القتلى، يرجع إلى أن ملك قشتالة أمر أن
ينادى في جيشه بأن لا أسر إلا القتل، ومن أتى بأسير قتل هو وأسيره، ويصف صاحب
الحلل الموشية الموقعة بالهزيمة العظمى التي فنى فيها أهل