ثم ذكر تفنن الفاتحين في ذلك
الحين بقطع الرؤوس واللعب بها، فقال: (وجمع المسلمون من رؤوس الفرنج كوما كبيرا،
وأذنوا عليه، ثم أحرقوها لما جيفت)
[2]
وذكر عظم القتل الذي أصاب السكان
الأصليين للأندلس، في نفس الوقت الذي امتلأت فيه جيوب المسلمين بالغنائم الكبيرة
التي حاول الذهبي كعادته عدها، فقال: (وكانت الوقعة يوم الجمعة في أوائل رمضان،
وأصاب المعتمد بن عباد جراحات سليمة في وجهه. وكان العدو خمسين ألفا، فيقال: إنه
لم يصل منهم إلى بلادهم ثلاثمائة نفس، وهذه ملحمة لم يعهد مثلها، وحاز المسلمون
غنيمة عظيمة، وطابت الأندلس للملثمين، فعمل ابن تاشفين على أخذها، فشرع أولا، وقد
سار في خدمته ملك غرناطة، فقبض عليه وأخذ بلده، واستولى على قصره بما حوى، فيقال:
إن في جملة ما أخذ أربعمائة حبة جوهر، فقومت كل واحدة بمائة دينار)[3]
وقد ذكر المؤرخ المصري محمد عبد
الله عنان (المتوفى: 1406هـ) في كتابه [تاريخ دولة الإسلام في الأندلس] بعض
التقديرات حول خسائر السكان الأصليين للأندلس ناقلا لها من المصادر الكبرى في
التاريخ الإسلامي، فقال: (وتذهب في تقدير خسائر النصارى إلى حد قولها إنهم بلغوا نحو ثلاثمائة
ألف، بيد أن هناك أقوالا أكثر اعتدالا، فيروى مثلا أن أمير المسلمين أمر بقطع رؤوس
القتلى من النصارى فقطعت وجمعت، فاجتمع منها تل عظيم، أذن من فوقه للصلاة، واجتمع
منها بين يدي المعتمد بن عباد أربعة وعشرين ألفاً، وأن رؤوس القتلى التي وزعت على
قواعد الأندلس بلغت أربعين ألفاً، وأنه أرسل إلى المغرب