اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 154
وسنعتمد مثلما اعتمدنا سابقا،
وفي كل مرة المصادر الكبرى المعتمدة في التاريخ الإسلامي، من أمثال تاريخ الإسلام
للذهبي، وتاريخ الطبري وابن خلدون، وغيرها، حتى لا يشنع علينا من يذكر أن هذا كلام
المستشرقين.
وقبل أن نذكر ذلك نشير إلى أمر
مهم جدا، لا نجد من يذكره أو يركز عليه، وهو ما أشار إليه ابن خلدون من أن عمر بن
عبد العزيز وكبار التابعين كانوا من المعارضين لبقاء المسلمين في الأندلس، فقد
قال: (وقد كان عمر بن عبد العزيز رأى أن يخرج المسلمين منها لانقطاعهم عن قومهم
وأهل دينهم، وبعدهم عن الصريخ، وشاور في ذلك كبار التابعين وأشراف العرب فرأوه
رأيا، واعتزم عليه لولا ما عاقه من المنية وعلى ذلك)[1]
وذكر سبب ذلك، وهو أن الاقتتال
لم يكن يكف أبدا في الأندلس، ذلك أن أهلها لم ييأسوا أبدا عن المقاومة، يقول في
ذلك: (كانت عدوة الأندلس منذ أوّل الفتح ثغرا للمسلمين، فيه جهادهم ورباطهم ومدارج
شهادتهم وسبيل سعادتهم. وكانت مواطنهم فيه على مثل الرضف، وبين الظفر والناب من أسود
الكفر لتوقر أممهم جوارها وإحاطتهم بها من جميع جهاتها، وحجز البحر بينهم وبين
إخوانهم المسلمين) [2]
وقد كان هذا الموقف كافيا
للعقلاء أن يخرجوا من تلك البلاد بأقل الخسائر، ذلك أنه لا جدوى من الاقتتال
الدائم الذي لا يفعل سوى أن يشوه الإسلام والمسلمين، ولا يؤتي في نفس الوقت أي
نتيجة..
لكن للأسف لم يطبق ذلك الرأي
الوجيه الذي حاول عمر بن عبد العزيز تنفيذه؛ وسبب ذلك هو أن كل الخلفاء الذين
جاءوا بعده كانوا محتاجين كل حين لمن يرسل لهم المزيد من الأموال والسبايا، ولو أن
الحرب توقفت وعاد المسلمون إلى ديارهم، لتوقف