اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123
4 ـ المتوكل.. والتحريض الطائفي:
لم يكن الأمر في ذلك العصر الذي
ولي فيه المتوكل قاصرا على بغض أهل بيت النبوة، ومن شايعهم، وانتصر لهم، بل إنه
شمل الجميع ما عدا من يسمون أنفسهم أهل الحديث، وخاصة من غلب عليه النصب منهم، أما
من عداهم؛ فقد أوذوا إيذاء شديدا، ليس من المتوكل فقط، وإنما من أولئك العلماء
الذين أسند إليهم المتوكل أمور الدين، وخول لهم أن يعاقبوا من شاءوا بما شاءوا.
ومن الأمثلة على ذلك ما رواه
البيهقي في [مناقب أحمد] عن محمد بن أحمد بن منصور المروذي أنه استأذن على أحمد بن
حنبل، فأذن له، فجاء أربعة رسل المتوكل يسألونه فقالوا: الجهمية يستعان بهم على أمور السلطان
قليلها وكثيرها أولى أم اليهود والنصارى؟ قال أحمد: (أما
الجهمية فلا يستعان بهم على أمور السلطان قليلها وكثيرها، وأما اليهود والنصارى فلا بأس أن يستعان
بهم في بعض الأمور التي لا يسلطون فيها على المسلمين حتى لا يكونوا تحت أيديهم، قد استعان بهم السلف)، قال محمد بن أحمد المروذي: أيستعان باليهود والنصارى وهما مشركان، ولا يستعان بالجهمي؟ قال: (يا بني يغتر بهم المسلمون وأولئك لا
يغتر بهم المسلمون) ([1])
ونحب أن نذكر أن المراد من
الجهمية هنا كل منزهة الأمة، بدليل أن القضايا التي ينكرونها على الجهمية هي نفس
القضايا التي ينكرونها على جميع المدارس الكلامية بما في ذلك إثبات الجهة والمكان
لله تعالى، أو إثبات الصورة والأعضاء وغيرها، مما ذكرناه بتفصيل في كتاب [السلفية
والوثنية المقدسة]
وبما أن الأشاعرة والماتريدية لم
يظهرا بعد في ذلك العصر[2]، فقد كان التشدد كبيرا
[1]
نقلا عن الآداب الشرعية والمنح المرعية (1/ 256)
[2]
لأن الأشاعرة ينتسبون لأبي الحسن الأشعري (260هـ - 324هـ)، والماتريدية لأبي منصور
الماتريدي (توفي 333 هـ )
اسم الکتاب : صفحات من أسفار المجد المزيف المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 123