تجاوز هذا الميزان، فقال:﴿ أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ﴾ (الرحمن:8)
قلت: فتجاوزه هو الإسراف المؤدي إلى كل العلل.
قال: أجل.. وبذلك لا تكون الشهوات هي المتحكمة في سلوكيات الحياة وأنماطها، وإنما ما تتطلبه الصحة والعافية هو المتحكم في ذلك.
قلت: فما التشريعات التي وضعها الشرع لتحقيق الحمية؟
قال: الأصل في هذه التشريعات أن يضعها الأطباء، فهي ميدانهم، ولكن النصوص الشرعية ـ مع ذلك، ولخطورة الأمر ـ تنبه إلى القواعد التي يعتمد عليها هذا الباب.
قلت: فاذكر لي بعضها.
قال: سنذكر أربعة تشريعات هي أصول أصول هذا الباب.
تحريم الخبائث:
قلت: فما أو لها؟
قال: أو لها تحريم الشرع لبعض الشهوات.. لئلا ينساق الإنسان انسياقا مطلقا وراءها.. وليكون في ذلك بعض التدريب على ما يربي في النفس وازع الحمية.
قلت: لقد ذكر القرآن الكريم إباحة الله للطيبات، وتحريمه للخبائث، فقال تعالى:﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أو لَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (الأعراف:157)