قال: لأنه لا يمكن للجسم أن يحمى من العلل إلا بالدخول إليهما واستيعاب ما فيهما من إرشادات.
قلت: فما هما؟
قال: أما القاعة الأولى، فتعلم فيها الحمية، وأما القاعة الثانية، فيتدرب فيها على الطهارة.
قلت: الحمية والطهارة إذن هما ركنا الحماية.
قال: أجل، وكلاهما في حقيقتهما طهارة، ألم تسمع قوله تعالى:﴿ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ﴾(البقرة:222)
قلت: بلى.. ولكني أعرف أن الطهارة طهارة، فكيف تكون الحماية طهارة؟
قال: الحمية أن تطهر باطنك، فلا تمكن أسباب العلل من الدخول إليه، كما أنك بالطهارة تطهر ظاهرك.
قلت: فالحمية تطهير الباطن، والطهارة تطهير الظاهر.
قال: أجل.. هيا ندخل لنرى قواعد ذلك وضوابطه.
الحمية
دخلنا قاعة الحمية، فوجدنا لافتة مكتوبا عليها قوله تعالى:﴿ وَهُوالَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ﴾ (الأنعام:141)
قلت للمعلم: ما الحمية؟
قال: هي الابتعاد عن كل متعة قد تتسبب في حصول العلة.
قلت: فما علاقة الآية المعلقة بباب هذه القاعة بها؟
قال: هذه الآية هي آية الحمية، فالله تعالى بعد أن ذكر النعم العظيمة ـ التي تفتح الشهية