قلت: تقصد أن
الاستبصار عام.. ولكن الحجب هي التي تحول بين الخلق وبينه.
قال: أجل.. ألم تعرف
بأن الاستبصار هو سماع الروح وبصر الروح؟
قلت: بلى..
قال: فهل نفخ الله
في بعض الخلق أرواح بشر، وفي بعضهم أرواح حجارة؟
قلت: بل كل البشر
يملكون أرواح بشر.
قال: ولذلك.. فإن
لكل البشر الاستعداد التام للاستبصار.
قلت: ولكني لا أراهم
كذلك.
قال: لأنهم وضعوا
الحجب على بصائرهم.
قلت: فما هي هذه
الحجب، وكيف تزال؟
قال: هو ذا الغزالي
قد جاء معي ليجيبك عنها.
مددت يدي لمصافحة
الغزالي، فأحسست بنفحة من نفحات الإيمان تسري في أعماقي، فلم أشأ أن أقبض يدي،
وكان بمحل من الأدب، فلم يجذب يده، قال: لن أطيل معك.. أنا أعلم اهتمامك واهتمام
قومك بالتمثيل، ولذلك اسمع مني هذا المثال.
ثم جذب يده من يدي،
وأخرج خمس مراء، وقال: أترى هذه المرائي الخمسة؟
قلت: أعمى أنا إن لم
أرها.
قال: فاعلم أن محل
العلم هو القلب.. فهو اللطيفة المدبرة لجميع الجوارح.. وهي المطاعة المخدومة من
جميع الأعضاء، وهي بالإضافة إلى حقائق المعلومات كالمرآة بالإضافة إلى صور
المتلونات.