قال: هذه آية هذه
النافذة.. فمن بحرها يرتشف المستبصرون..
قلت: فما الأسرار
التي تنطوي عليها.. فإن فهمي لها محدود لا يكاد يجاوز ألفاظها.
قال: هيا بنا إلى
مجلس المستبصرين لنسمع ما يحدثونا به عن بعض حقائقها..
رأيت مجلسا مهيبا،
داخلتني منه هيبة لست أدري سرها، فقلت للمعلم: ألا يمكن أن نبقى هنا.. ونسمعهم
بسمع أرواحنا؟
قال: لا.. لا تخالف
حكم الله في خلقه ألم يأمرنا a بأن ننزل الناس منازلهم،
ألم تقل الملائكة ـ عليهم الصلاة والسلام ـ:﴿ وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ
مَقَامٌ مَعْلُومٌ﴾(الصافات:164)؟
قلت: بلى..
قال: فكيف تريد أن
تكلف بصيرتك بوظيفة بصرك.
قلت: أجل.. فهيا
نقترب منها.. والله في عوني.
حقيقة الاستبصار:
اقتربت من جماعة
الاستبصار، وقد امتلأ قلبي رعبا من أن يكشفوا من أسراري ما لا أتحمل فضيحته، أو
يعرفوا من حقائقي ما يحطموا به جميع ما أدعيه.. فقلت بيني وبين نفسي: اللهم
استرني، ولا تفضحني.. اللهم أسبل علي من سترك ما يحميني من أعينهم الخفية.
توجه إلي أحدهم،
وكأنه سمع ما دعوت به، وقال: لا تخف.. فأولياء الله لا يفضحون خلق الله..
وقال آخر: وأولياء
الله لا يرون إلا ما يريهم الله.. ولا يسمعون إلا ما يسمعهم..
وقال آخر: ألم تسمع
قوله a:(إن الله تعالى قال: من عادى لي وليا فقد آذنته
بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إلي
بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به، ويده
التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه وإن استعاذني لأعيذنه، وما
ترددت عن شيء أنا