فاعله ترددي عن نفس
المؤمن يكره الموت، وأنا أكره مساءته)[1]
قلت: بلى.. فما فيه
من العلم؟
قال: لقد أخبر الله
تعالى بأنه يكرم أولياءه، فيسمعون بالله، ويبصرون بالله.. فهل يتخذ من آتاه الله
هذا السمع، وهذا البصر، هذه النعمة العظمى وسيلة لفضح عباد الله.
قال آخر: إن الله لا
يهب كرمه إلا لمن تخلق بخلقه.. أليس الله حيي ستير؟
قلت: ولكني ـ يا من
ملأتم قلبي محبة وشوقا ـ تذكرت قوله a:( اتقوا فراسة
المؤمن، فإنه ينظر بنور الله).. وقد كان لي من التقصير في حق الله ما كان..
فاستحييت منكم.
قال أحدهم: وهل
تحسبنا من الكمل الذين استقام لهم دينهم، أو وفوا حق ربهم.. إن لنا من التقصير ما
تنهد له الجبال.. وتندك له الأرض.. وتنشق له الصخور.
قلت: ولكن الله
وهبكم ما لم يهب كثيرا من عباده.
قالوا: وما وهبنا
مما لم يهب عباده؟
قلت: الاستبصار..
ألستم المستبصرون؟
قال: بلى.. ولسنا
وحدنا في ذلك.
قلت: ومن معكم؟
قال أحدهم: النحل..
ضحكت، وقلت: النحل..
هل هو من المستبصرين؟
قال: أجل.. ألم تسمع
قوله تعالى:﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ
اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتاً وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ﴾(النحل:68)،
فالنحل يتلقى تعاليم حضارته من الله تعالى.
قال آخر: ألا تعرف
الحياة الاجتماعية والتمدن العجيب الذي يعيشه النحل، والذي