قال: أجل.. لأنه إن
ركب السيارة أعمى أصم يظل أعمى ولوأبصرت مصابيح سيارته أو سمعت.
قلت: فنعمة الله
علينا بهذه الحاسة أعظم من سائر نعمه؟
قال: أجل.. ولتعرف
سر ذلك أجبني: ما موقف النصوص المقدسة من العمى الحسي؟
قلت: لقد ورد في
أحاديث كثيرة اعتبار العمى الحسي بلاء قد يجعل صاحبه ـ إن رضي وصبر ـ من أهل
الجنة، فقد ورد في الحديث القدسي قوله a:(قال الله
تعالى: إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ـ يريد عينيه ـ ثم صبر عوضته منهما الجنة)[1]
وفي حديث آخر، قال a:(إن الله تعالى يقول: إذا أخذت كريمتي عبدي في الدنيا لم يكن
له جزاء عندي إلا الجنة)[2]
وفي حديث آخر يخبر a عن مغفرة الله لمن صبر على فقد عينيه، قال a:( لن يبتلى عبد بشيء أشد من الشرك، ولن يبتلى بشيء بعد الشرك
أشد من ذهاب البصر، ولن يبتلى عبد بذهاب بصره فيصبر إلا غفر الله له)[3]
بل قد ورد في القرآن
الكريم ما يشير إلى أن الأعمى حسيا أولى ـ في حال استعداده ـ من المبصرين، قال
تعالى:﴿ عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى ﴾ (عبس:1 ـ 2)
الآيات.
قال: وما موقفها من
عمى الروح؟
قلت: لقد ورد ذم عمى
الروح بأبلغ صيغ الذم، قال تعالى:﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ
فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أو آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا
فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي
الصُّدُورِ﴾ (الحج:46)