قاطعنا بعض
الحاضرين، وقال بصوت مملوء حزنا: أنا مجرم من مجرمي الإرهاب الجلدي، وقد تبت إلى
الله، وقد جعلت لله علي أن لا أدع مجلسا إلا حذرت من سوء أفعالي.
قلت: وماذا فعلت؟..
ومن قتلت؟.. ولم؟
قال: كنت أعمل في
شركة من الشركات الكبرى المختصة بمستحضرات التجميل.. ولم نكن نعرف من هذا الجلد
الذي وهبه الله نعمة لخلقه سوى ما يعرف الفلاح من أرضه حين يقلبها ويسمدها ويزرعها
لتنبت له ما يشاء من الغلال.
كنا نتاجر بالجلود..
وهي تجارة لا تختلف عن تجارة الرقيق..
قال هذا، ثم أجهش
بالبكاء، فبادرته الجماعة قائلة: ألا تعلم أن التوبة تجب ما قبلها.. وقد تبت إلى
الله؟
قال: كيف تقول ذلك،
وقد قتلت المئات، بل الآلاف.. بل إني لا أحصي عدد من ساهمت في تشويههم.
قلت: لعلك تبالغ ـ
يا رجل ـ فحدثنا عن شأنك.
قال: كنت موظفا
خطيرا في شركة (....) لمستحضرات التجميل، وكانت وظيفتي في هذه الشركة تشبه وظيفة
المهندس الفلاحي.. وقد كانت مزرعتي التي أجري عليها تجاربي هي جلود الناعمات..
قلت: فماذا كنت
تفعل؟
قال: لم أكن أبالي
من أي مادة أحضر مستحضراتي.. ولم أكن أبالي بالآثار الصحية التي تحدثها تلك المواد..
بل كانت همتي لا تتعدى ما يمليه علي رؤسائي.. وهي الألوان البراقة المغرية.. كانت
المرأة بالنسبة لي دمية أتفنن في تزيينها وعرضها من غير أن أعرف لذلك علة ولا سببا..
وكان النساء يتهافتن على ما نعرضه من سلع.. ولا يبالين بشيء.
قلت: ولكنك لست وحدك
في هذا، فلولا الإعلانات التي تساهم فيها وسائل الإعلام