قلت:
ما أجمل ما يعالج به القرآن الكريم العقد النفسية.
قال:
أجل.. فالقرآن الكريم يجعل المؤمن غير مبال بلونه الدنيوي، ولا هيئته الدنيوية، بل
يرفع عنه رداء الكبر بهما، أو الفخر والتطاول بهما على الخلق، ويجعل فرحه ـ إن فرح
بهما ـ فرح المستشعر بفضل الله عليه، وهو فرح يسلب عنه كل ما يسيء إلى غيره أو
يسيء إلى نفسه، ولهذا كان a
يقول في دعائه: (اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي)
قلت:
في هذا الدعاء أدب عظيم منه a،حيث
قدم شكر الله على الطلب، وشكر الله على ما منه وما لا يمكن تغييره، وسأل الله
توفيقه لما طلب منه.
قال:
هذا الدعاء الذي ورثناه منه a
يختصر في إيجاز موقف المؤمن من جسده، فهو نعمة بأي صورة كان، والمؤمن غير مطالب
بتغييره، بل هو مطالب بالرضى به وحمد الله عليه وعدم الإعجاب بأي حسن قد يصرفه عن
حقيقته أو وظيفته في هذا الوجود، فكل من فرح بغير الله سيحزن، وكل من رضي بغير
الله سيسخط، وكل من نسي الله سينسى نفسه وحقيقته وسيختصر وجوده في قالب طيني سرعان
ما يعود إلى أصله،قال تعالى:﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ
فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أو لَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ﴾(الحشر:19)
قلت: ولكن الغارقين
في أوحال أجسامهم يأبون هذا.
قال: ولذلك يسقطون
في شباك تجار الجلود.
قلت: تجار الجلود.
قال: أجل.. أولئك
الذين يصنعون المساحيق ومستحضرات التجميل، فالجلود عندهم مناجم ذهب.
قلت: مناجم ذهب !؟
قال: أجل.. فملايين
الناس يقعون ضحايا لهذه الصناعات التي لا تزيدهم إلى دمامة.