قال: لقد تكرر في
القرآن الكريم في آيات مختلفة منه أوصاف وجوه المؤمنين ووجوه الكافرين جامعا
بينهما، أو مفردا أحدهما عن الآخر، ألم تسمع قوله تعالى في وصف وجوه الذين كذبوا على الله: ﴿ وَيَوْمَ
الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ
أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ﴾(الزمر:60)؟
بل
شبه سواد وجوههم بقطع الليل المظلم،فقال تعالى:﴿ وَالَّذِينَ كَسَبُوا
السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ
مِنْ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ كَأَنَّمَا أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعًا مِنْ
اللَّيْلِ مُظْلِمًا أو لَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾
(يونس:27)
والسواد
في الآخرة ليس سوادا طبيعيا، قد يتأقلم معه صاحبه، بل هو سواد الحزن الدائم والهم
المقيم، قال تعالى: ﴿ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ تَرْهَقُهَا
قَتَرَة﴾ (عبس:40، 41)
وقال
تعالى يبين هذا اللون النفسي الذي يغشى وجوه أهل النار: ﴿وَوُجُوهٌ
يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ﴾ (القيامة:24)، أي كالحة عابسة كئيبة.
ويبين
بشاعة منظرهم وشفاههم التي كانوا يتفننون في تمطيطها في الدنيا، وملئها بالسخرية
من خلق الله، وكيف يئول مصيرها بقوله تعالى ﴿ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ
النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ﴾ (المؤمنون:104) والكلوح هو تقلص
الشفتين عن الأسنان.
قلت:
هذه وجوه قبيحة.. نعوذ بالله منها.
قال:
وعلى عكسها وجوه المؤمنين يوم القيامة فهي وجوه مستنيرة مسفرة ناضرة، ولو كانت في
الدنيا سوداء كالحة مظلمة، قال تعالى في وصف وجوه المؤمنين:﴿ تَعْرِفُ فِي
وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ﴾ (المطففين:24)، فهي نضرة حسية تنبئ عن
رضى نفسي عميق.
وكل
أو صاف القرآن لوجوه المؤمنين في الجنة يقترن فيها الحسن الحسي بالرضا والجمال
النفسي، قال تعالى:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضَاحِكَةٌ
مُسْتَبْشِرَةٌ﴾(عبس:39)، وقال تعالى:﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ
نَاضِرَةٌ﴾(القيامة:22)، وقال تعالى: ﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا
الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا