أما الجهة الأولى،
فهي أن الطبِّ الحديث أثبت أنَّ معظم الأمراض ترافق بنقص الشهية إلى الطعام، ولذلك
فإنَّ إجبار المريض على الطعام يعني عدم استفادة المريض منه، فذلك يسبب له عسر
هضم، وهي حالة تزيد مرضه سوءاً.
ولا بد من الإشارة
هنا إلى أنه إذا كان فقدان الرغبة في الطعام أو نقصانها من دلائل المرض، فإنَّ
عودة الرغبة إلى الطعام إلى سابق ما كانت عليه قبل المرض هو من دلائل الشفاء.
وأما الثانية، فهي
أن الطب الحديث يؤكد أن المريض يكسب الطاقة من مصادر داخلية، فيبدأ باستقلاب
الغليكوجين المدَّخر في الكبد والعضلات، وهذا المصدر سريع النفاذ، فإذا استمر
المرض تحول الجسم إلى المصدر الثاني، وهواستحداث السكر، أي: توليد الغلوكوز من
مصارد شحمية وبروتينة، حيث تتحلل البروتينات إلى حموض أمينية، وتتحلل الشحوم إلى
حموض شحمية، ومن هنا تنقص الشحوم وتضمر العضلات عند المريض، وهذا ما يظهر خارجياً
بالهزال.
على أنه متى عاد
المريض إلى رغبته في الطعام قبل المرض يعود الجسم فيدَّخر الغذاء على شكل شحوم
وبروتينات، فيكتنز ما تحت الجلد بالشحوم، وتنموالعضلات[1].
قلت: فما التعامل
السديد مع شهية المريض؟
قال: أن لا ندخل على
معدته من الطعام والشراب إلا القدر الذي يستطيع التعامل معه.. فمقدار الطعام مرتبط
بمقدار فعالية الجهاز الهضمي وقدرته على العمل.. ولهذا يستحب أن يكون مقدار الطعام
قليلاً، ويحدد هذا المقدار رغبة المريض وشهيته.
بالإضافة إلى هذا
يستحب أن يكون الطعام سهل الهضم، وسهل الامتصاص أي: يستفاد منه بأقل عمل ممكن من
جهاز الهضم، ومثل ذلك الشراب.
[1] انظر: انظر: الإعجاز الطبي في السنة النبوية، للدكتور: كمال
المويل.