كان يتكلم بخشوع،
وكان القوم مطأطئي رؤوسهم كأن على رؤوسهم الطير، فلم أجد نفسي إلا وأنا أصيح من
غير أن أشعر: يا من هداك الله، فطهرت أرض السلام من مخترعات الصراع.. نبئني عن سر
اللهو الذي ملأ حياتنا، فنحن نبحث عن المال في كل حركة وسكنة.
قال: ما تقصد؟
قلت: مسابقات كثيرة
تملأ شاشاتنا وهواتفنا لتترك أثرها في حياتنا.
قال: وما أثرها؟
قلت: لهث وراء المال
لا يرتوي، وجري وراء الذهب لا ينقطع.
قال: فحدثني، فقد
زرت مدائن الصراع، ولكني انشغلت عنها بحياتي في عالم السلام.
قلت: إعلانات كثيرة
تملأ شاشاتنا الصغيرة والكبيرة والمتوسطة تدعونا كل لحظة لكسب الآلاف، ومئات
الآلاف، والملايين.
قال: تقصد
المسابقات.
قلت: أجل..
قال: هي شيء طيب..
فكيف تشاركون فيها؟
ضحكت، وقلت: ما بالك
أغرك إعلامنا.. أم تريد أن تشارك في هذه المسابقات.. إن ذلك سهل جدا فما عليك إلا
أن تتصل برقم من أرقام الهواتف المعلنة.
قال: وهل الأجر الذي
تطلبه هذه الهواتف سهل ميسور؟
قلت: كلا.. فالاتصال
بتلك الأرقام ليس بالأجور العادية، وإنما بأجور مرتفعة جداً.