ومع ذلك كله، فقد
ذكرت معلومات إحصائية أن الإنسان في عصرنا الحالي يضحك أقل مما كان يفعل الذين
سبقونا في العصور القريبة، ولعل ذلك هو أحد الأسباب القليلة الباقية لتعليل زيادة
انتشار الأمراض النفسية بالصورة الهائلة التي نراها اليوم.
فوائد البكاء:
قال هذا، ثم نزل،
ليصعد رجل آخر، وقد حفر على خده خطان تسيل من خلالهما الدموع، فقلت للمعلم: لا شك
أن هذا هو خبير البكاء، وزعيم فرقته.
قال: أجل.. وقد حضر
لتوه ليبين فوائد البكاء، ويرد الفريقين إلى الاعتدال.
قال الخبير: أما
البكاء، فهو سمة الصديقين، وأحباب الله الذين مسحوا بدموعهم أوزار ذنوبهم، فخرجوا
منها كيوم ولدتهم أمهاتهم.
وهو صفة المنيبين
الذين إذا ذكروا الله أو قرأوكلامه ﴿ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ
وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً﴾ (الاسراء:109)
وهوصفة المنعم عليهم
من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين الذي قال الله تعالى فيهم:﴿ أو
لَئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ
آدَمَ وَمِمَّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِنْ ذُرِّيَّةِ إِبْرَاهِيمَ
وَإِسْرائيلَ وَمِمَّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ
الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيّاً﴾ (مريم:58)
وهو صفة الصادقين
الذي عبروا بدموعهم عما في قلوبهم من حقائق الصدق، فأثنى الله عليهم، فقال:﴿
وَلا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا
أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً
أَلّا يَجِدُوا مَا يُنْفِقُونَ﴾ (التوبة:92)
ولهذا ورد الحث
عليه من قديم، ففي حديث أبي ذر الطويل عن النبي صلیاللهعلیهوآلهوسلم قلت: يا رسول الله ما كانت صحف موسى؟، قال:(كانت عبرا كلها،
عجبت لمن أيقن بالموت