وذم الفارين من
الزحف، وهم إنما يفرون اتقاء لجراح تصيبهم أو قتل يفتك بهم، فقال تعالى:﴿ وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا
مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أو مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ
اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ﴾ (لأنفال:16)
قال: إن الله تعالى،
مع مطالبته لنا بحفظ أجسادنا وقوانا، إلا أنه طلب منا كذلك أن نبيعها له، فقال تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ
عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ
وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ
ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الصف:10 ـ 11)
قلت: ما معنى بيع
أجسادنا لله؟
قال: بأن نبذلها لله
في حال الحاجة إلى ذلك، فنضحي بهذه الأجساد من أجل غاية سامية، أو خدمة نبيلة.
قلت: اضرب لي مثلا على
ذلك يقرب لي هذا المعنى.
قال: مثل ذلك مثل
شخص يعتني بسيارته صيانة وتنظيفا، لا حرصا عليها، وبخلا بها، وإنما لتكون في خدمته
أو خدمة نبله ومروءته متى احتاج إلى ذلك.
قلت: ألهذا طلب الله
تعالى منا أن نعتني بقوانا لنبذلها في سبيله بأي صورة من صور البذل، فقال تعالى:﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ
وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُواللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ﴾ (لأنفال:60)؟
قال: وبذلك يكون
الفرار من البلاء وأسباب البلاء نوعا من أنواع الجهاد في سبيل الله، لأن مطيتنا
لطاعة الله هي هذه الأجساد، فإن أهلكناها من غير حاجة تدعو إلى ذلك كان ذلك تلف
لرأس مالنا.
قلت: ولهذا ـ إذن ـ
فضل a المؤمن القوي على المؤمن الضعيف، فقال a:(المؤمن