قال: إذا أكلت طعامك، ونويت فيه أداء الواجب الذي أمرك الله به، تكون
قد تقربت إلى الله بأحب شيء إليه.. وإذا أكلته، ونويت فيه أداء الواجب الذي أمرك
به طبعك، لمن تتقرب؟
قلت: إلى نفسي..
قال: وهي لن تزيدك من الله إلا بعدا.
قلت: لكن....؟!
قال: سأذكر لك دليلا آخر، قد يقوي ما ذكرت، ألم يأت النص المحرم
لتحريم طيبات ما أحل الله؟
قلت: أجل.. فقد قال الله تعالى:﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ
اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ (المائدة:87)
قال: فهذا يصب في الدلالة على الوجوب.
قلت: لست أدري سر حرصك الشديد على هذا ـ يا معلم ـ فلا تخف فإن الناس
يأكلون سواء قلت بالوجوب أو قلت بالإباحة، حتى لو قلت بالتحريم.. فسيجدون من
الأعذار ما يبيح لهم الأكل.
قال: لا.. أنا لا أقصد هذا.. إن ما أقصده عظيم، فالنظرة الشرعية
للغذاء تنطلق من هذا.. فالغذاء عبادة.
قلت: هذا صحيح، وقد قال بعض الصالحين يذكر نيته في أكله وشربه:(إني
لأحتسب لله أكلتي وشربتي كما أحتسب نومتي وقومتي)
قال: وكونه كذلك يجعله مرتبطا بالأحكام الشرعية في جميع تفاصيله،
ألستم في الصلاة تسألون عن الجزئيات والتفاصيل، وتحرصون عليها؟