قلت: يا معلم.. لا
يزال ذهني مضطربا، فكيف نجمع بين ما مر من نصوص تكاد ترغب في البلاء، وبين ما سقت
من نصوص؟.. ألا تلاحظ أن هناك تناقضا صارخا؟
قال: معاذ الله..
كتاب الله ﴿ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ
خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ (فصلت:42).. التعارض في أذهانكم
المشوشة التي تمتلئ بالصراع.
قلت: فكيف ننفي عنها
الصراع، ونملؤها بالسلام؟
قال: ألم تسمع قوله a:(أيها الناس لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية،
فإذا لقيتم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف، اللهم منزل الكتاب ومجري
السحاب، وهازم الأحزاب اهزمهم، وانصرنا عليهم)[1]
قلت: بلى.
قال: فقد نهى a عن تمني لقاء العدو، وأمر في نفس الوقت بالصبر حين لقائهم،
حتى لا يولي أحد دبره قائلا: لقد نهينا عن لقاء العدو.
قلت: فهذا الحديث
فرق البلاء قبل نزوله وبعد نزوله.
قال: أجل.. فأمر
بالصبر على البلاء إن نزل، ونهى عن طلبه إذا لم ينزل.
قلت: فهمت هذا..
فالموقف من البلاء إذن هو نفس الموقف
من لقاء العدو.
قال: وهل العدو إلا
بلاء من البلاء؟
قلت: هذا مثال جيد
نفى التعارض بإنزال كل حالة محلها الخاص بها.
قال: سأزيدك ما
يزيدك طمأنينة.. ألم ينه a عن تمني الموت.