اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 8
ثم راح يجيبه عن شبهاته، فقال: (أما قوله
عز وجل في آدم عليه السلام: ﴿وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى﴾ [طه:
121]، فإن الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفة في بلاده، لم يخلقه للجنة،
وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الأرض لتتم مقادير أمر الله عز وجل، فلما
أهبط إلى الأرض وجعل حجة وخليفة، عصم بقوله عز وجل: ﴿نَّ اللَّهَ اصْطَفَى
آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾
[آل عمران: 33].. وأما قوله عز وجل: ﴿وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ
مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: 87] إنما ظن
أن الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه، ألا تسمع قول الله عز وجل: ﴿ وَأَمَّا
إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ ﴾ [الفجر: 16] أي ضيق
عليه، ولو ظن أن الله تبارك وتعالى لا يقدر عليه لكان قد كفر.. وأما قوله عز وجل
في يوسف: ﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا ﴾ [يوسف: 24] فإنها
همت بالمعصية، وهم يوسف بعقابها إن أجبرته، لعظم ما داخله، فصرف الله عنه عقابها)[1]
وهكذا راح يصرف عن داود عليه السلام تلك
الموبقات العظيمة التي نسبتها الروايات الكثيرة إليه، فقال ـ ردا عليها ـ: (إنا
لله وإنا إليه راجعون، لقد نسبتم نبيا من أنبياء الله إلى التهاون بصلاته، حتى خرج
في أثر الطير، ثم بالفاحشة، ثم بالقتل!).. ثم فسر ما وقع منه فقال: (إن داود إنما
ظن أن ما خلق الله عز وجل خلقا هو أعلم منه، فبعث الله عز وجل إليه الملكين فتسورا
المحراب، فقالا: ﴿خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُمْ
بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ (22)إِنَّ
هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِيَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ
أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ ﴾ [ص: 22، 23]، فعجل داود عليه
السلام على المدعى عليه، فقال: ﴿لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ
إِلَى نِعَاجِهِ﴾ [ص: 24]، ولم يسأل
[1]
بحار الأنوار، ج11، ص: 72، وانظر: قصص الأنبياء عليهم السلام - الجزائري - ص 13 -
15.
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 8