اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102
فأتاه إدريس عليه السلام برسالة ربّه، وهو
في مجلسه وحوله أصحابه، فقال الجبار: اخرج عنّي يا إدريس، ثم أخبر امرأته بما جاء
به إدريس عليه السلام، فقال: لا تهولنّك رسالة إدريس أنا أرسل إليه من يقتله
وأكفيك أمره، وكان لإدريس عليه السلام أصحاب مؤمنون يأنسون به ويأنس بهم، فأخبرهم بوحى
الله ورسالته إلى الجبّار، فخافوا على إدريس منه.
ثم بعثت امرأة الجبار أربعين رجلاً
ليقتلوا إدريس، فأتوه فلم يجدوه في مجلسه، فانصرفوا ورآهم أصحاب إدريس، فأحسّوا
بأنّهم يريدون قتل إدريس عليه السلام، فتفرّقوا في طلبه وقالوا له: خذ حذرك يا
إدريس، فتنحّى عن القرية من يومه ذلك ومعه نفر من أصحابه، فلمّا كان في السّحر
ناجى ربه، فأوحى الله إليه أن تنحّ عنه وخلّني وإياه، فقال إدريس عليه السلام:
أسألك أن لا تمطر السّماء على أهل هذه القرية، وإن خرجت وجهدوا وجاعوا، قال الله
تعالى: إنّي قد أعطيتك ما سألته، فأخبر إدريس أصحابه بما سأل الله من حبس المطر
عليهم وعنهم، وقال: اخرجوا من هذه القرية إلى غيرها من القرى، فتفرقوا وشاع الخبر
بما سأل إدريس عليه السلام ربّه.
وتنحّى إدريس إلى كهف في جبل شاهق، وظهر
في المدينة جبار آخر، فسلب ملك الأول وقتله وأطعم الكلاب لحمه ولحم امرأته، فمكثوا
بعد إدريس لم تمطر السماء عليهم، فلما جهدوا ومشى بعضهم إلى بعض قالوا: إنّ الذي
نزل بنا مما ترون بسؤال إدريس عليه السلام ربّه، وقد تنحّى عنّا ولا علم لنا
بموضعه، والله أرحم بنا منه، فأجمعوا أمرهم على أن يتوبوا إلى الله تعالى، فقاموا
على الرّماد، ولبسوا المسوح، وحثّوا على رؤوسهم التّراب، وعجّوا إلى الله بالتّوبة
والاستغفار والبكاء والتّضرع إليه.
ومضى إدريس حتى جلس على موضع مدينة
الجبّار الأول وهي تلّ، فاجتمع إليه
اسم الکتاب : الأنبياء والهدي المقدس المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 102