اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97
ما ترون أني فاعل بكم؟)، قالوا: خيرًا، أخ كريم وابن أخ كريم، قال:
(فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوته: ﴿لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ﴾
اذهبوا فأنتم الطلقاء)
ومع أن الله تعالى أذن له أن يتعامل معهم بمثل جرائمهم، فقال: ﴿وَإِنْ
عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ
لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾ (النحل:126)، لكنه a اختار أن يعفو عنهم ويصبر على ما كان منهم، وأن لا يعاقب فقال: (نصبر ولا
نعاقب)([83])
وروي أنه أصيب يوم أحد من الأنصار أربعة وستون، وأصيب من المهاجرين ستة
وحمزة، فمثلوا بقتلاهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوما من الدهر لنربين
عليهم، فلما كان يوم فتح مكة نادى رجل لا يعرف: لا قريش بعد اليوم، فأنزل الله
تعالى على نبيه a: ﴿وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا
عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ﴾
(النحل:126)، فقال نبي الله a: (كفوا عن القوم) ([84])
وهكذا؛ فإن المؤمن يتعالى عن ذلك الصراع الذي شب بين الأغنياء والفقراء
في المجتمعات المختلفة، ذلك أنه يعلم أن الأموال ليست هي المعيار الذي توزن به
القيم.. بل هي مجرد متاع قليل، لم يقصد منه سوى الاختبار؛ كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ
الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ
دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ
وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [الأنعام: 165]
ولذلك؛ فإن نفسه المطمئنة الممتلئة بالرضا عن الله، لا تشعر بما يشعر به
أولئك الذين يتوهمون أن الله تعالى قصر في حقهم؛ فحرمهم من الثروة التي أعطاها
لغيرهم؛ فلذلك تجدهم إما محتقرين لأنفسهم مزدرين لها خاضعين للأغنياء مستعبدين
لديهم.. أو تجدهم
[83]
أحمد (35/ 154)الترمذي (3129)، والنسائي في الكبرى (11279)
[84]
أحمد (35/ 154)الترمذي (3129)، والنسائي في الكبرى (11279)
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 97