اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 96
تختبئ وراء ضعفها ووهنها.
أما نفس المؤمن المطمئنة؛ فيجتمع لها كلا الأمرين: القوة والسلام..
أما القوة؛ فلأنها تستند إلى الله تعالى، وتعلم أن كل شيء بيده، وأنها
تحت رقابته وعنايته، وأن عنايته مرتبطة برقابته؛ فلذلك لا تتحرك حركة إلا وفق ما
طلبه منها، وتعلم أنه معها في ذلك؛ فلذلك تكون كل حركاتها موزونة بالعقل والشرع؛
فلا تتهور ولا تنهار، ولا تجبن ولا تخاف..
وأما السلام؛ فلأنها تعلم أن كل تصرفاتها ضمن الاختبار الإلهي؛ فلذلك
تتورع عن كل اعتداء وبغي وظلم.. بل تتورع عن كل عجب وغرور وزهو وكل ما يملأ النفس
بالأنا الكاذبة التي تريد أن تمحو غيرها.
ولذلك؛ فإن سلام المؤمن لا يبدأ من الخارج، وإنما يبدأ بالداخل.. بل إن
ما يحصل في الخارج ليس سوى آثار من سلامه الداخلي.
فالمؤمن صاحب النفس المطمئنة هو الذي يخلص نفسه من كل المثالب التي تثير
فيه الصراع؛ فهو لا يحقد ولا يحسد ولا يحمل البغضاء والحقد.. وكل تلك المثالب التي
هي السبب في كل ما نراه من صراع خارجي.
والمؤمن هو الذي يسارع إلى العفو عمن ظلمه، بل قد يحسن إليه، ليمتص
بسلامه كل أسباب الصراع والعداوة كما قال تعالى: ﴿ وَلَا تَسْتَوِي
الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي
بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا
إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ﴾
[فصلت: 34، 35]
وكما فعل ذلك رسول الله a حينما تمكن من أعدائه الذين استعملوا كل الأساليب القذرة لحربه،
لكنه لم يتعامل بالقوة، وإنما تعامل معهم بالسلام، فقال لهم: (يا معشر قريش
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 96