اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 38
ثم أخبر أن تمكينه في الأرض كانت هبة من الله له، وللذين تشرفوا بأن
يكونوا تحت سلطته، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي
الْأَرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاءُ نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَنْ نَشَاءُ
وَلَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 56]
وأخبر عن ذي القرنين وما أتيح له من أسباب، وكيف مكن الله له في الأرض،
وكيف استخدم ذلك التمكين في خدمة المستضعفين، قال تعالى: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ
عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (83) إِنَّا
مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآَتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (84)
فَأَتْبَعَ سَبَبًا (85) حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا
تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَهَا قَوْمًا قُلْنَا يَا ذَا
الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْنًا
(86) قَالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ ثُمَّ يُرَدُّ إِلَى رَبِّهِ
فَيُعَذِّبُهُ عَذَابًا نُكْرًا (87) وَأَمَّا مَنْ آَمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَلَهُ جَزَاءً الْحُسْنَى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنَا يُسْرًا﴾
[الكهف: 83-88]
وهكذا؛ فإن المؤمن يمكنه أن يكون غنيا، وصاحب أموال كثيرة، وقد قال رسول
الله a: (نعما
بالمال الصالح للرجل الصالح) ([15])
فالمحرم ليس اكتساب الأموال، ولا السعي لتحصيلها، وإنما المحرم جمع المال
من الطرق غير المشروعة، والتي تمتلئ بالضرر والغش والخديعة، فلا يمكن للعاقل أن
يرضى بأن يغتني بإفقار غيره.. لأن كل الآلام التي سببها لغيره ستتحول غصصا تكدر
حياته.