وفي مقابل هؤلاء ذكر الله تعالى
الساخطين على الله الذين صرفوا حياتهم كلها يناوئونه، ويقترحون عليه ما تمليه
عليهم أهواؤهم، قال تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ
فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ
يَسْخَطُونَ (58) وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ
وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ
إِنَّا إِلَى الله رَاغِبُونَ ﴾ [التوبة: 58، 59]
وعلل أنواع الجزاء التي تنزل بهم
بكونها تجسيدا لذلك السخط الذي كانوا يبدونه لله، قال تعالى: ﴿ ذَلِكَ
بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ
أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد: 28]
ولهذا، فإن الجزاء الوفاق لكلا
الطرفين هو أن يعطى بحسب أعماله ومواقفه ونفسه التي شكلها في الدنيا.. فإن كان من
الراضين، أعطى الرضى، وإن كان من الساخطين لم يلق إلا السخط، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ
هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ الله ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ
اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (58)
لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وَإِنَّ اللَّهَ لَعَلِيمٌ
حَلِيمٌ﴾ [الحج: 58، 59]، وقال: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8)
لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10)
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 225