اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 224
ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط)([187])
ولذلك فإن كل ما نراه من ألوان
البلاء، مما يتوهم البعض أنه شر، هو في الحقيقة بلاء إلهي القصد منه تمحيص
الصادقين من غيرهم، كما ضرب بعض المشايخ المثل على ذلك لمريديه، عندما زاروه في
مرضه، وكان قد جمع بين يديه حجارة، فقال: من أنتم؟ فقالوا: محبوك، فأقبل عليهم يرميهم
بالحجارة؛ فتهاربوا، فقال: (ما بالكم ادعيتم محبتي، إن صدقتم؛ فاصبروا على بلائي)
وهذا المعنى هو ما يدل عليه قوله
تعالى: ﴿أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ
لا يُفْتَنُونَ﴾ (العنكبوت:2)، فقد أخبر تعالى أن من مقتضيات ادعاء الإيمان
الابتلاء حتى يعلم الصادق من الكاذب، ومن يؤثر الله، ومن يؤثر هواه.
ويبين سر الفرق بين أهل الجنة وأهل
النار، فيقول: ﴿أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ الله كَمَنْ بَاءَ بِسَخَطٍ
مِنَ الله وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [آل عمران: 162]
ولهذا ورد الثناء العظيم في القرآن
الكريم على أهل الرضى، أولئك الذين تحملوا كل التكاليف الشرعية من غير أن يصرفهم
ثقلها أو مشاقها عن ربهم أو عبوديتهم ومحبتهم له، قال تعالى: ﴿فَانْقَلَبُوا
بِنِعْمَةٍ مِنَ الله وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله
وَاللَّهُ ذ