responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 223

والرضا؛ فمن رضي الله عنه أرضاه، ومن أرضاه يستحيل أن يصيبه السخط أو الملل أو الجزع.

وقد ورد في الحديث عن رسول الله a أن الله تعالى يبشر أهل الجنة برضاه عنهم، فقال: (إن الله عز وجل يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة، فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك، فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا ربنا، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك؟ فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: وأي شيء أفضل؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا)([186])

فهذا الحديث يشير إلى أن الله تعالى لا يكتفي ـ رحمة منه وفضلا ـ بتلك المشاعر التي يجدها أهل الجنة في نفوسهم نتيجة معايشتهم لذلك النعيم، وإنما يخاطب نفس كل واحد منهم مبشرا له بالرضوان الخاص.

وذلك يدل على أن الجنة ليست محلا للنعم الحسية فقط، وإنما هي محل لكل المشاعر الروحية الطاهرة السامية، حيث تتجدد علاقتهم كل حين بالله عبر سماعهم له في نفوسهم سماعا ممتلئا بالتنزيه والتعظيم والجلال.. فكما أن رؤية الله تعالى في الجنة رؤية قلبية منزهة عن كل قيود الحس والحدوث والتشبيه والتجسيم، فمثل ذلك سماع الله تعالى.

إذا عرفت هذا ـ أيها المريد الصادق ـ فاعلم أن العدالة والرحمة الإلهية تقتضي ألا يتنزل هذا الرضوان إلا على من كان أهلا له، حتى لا يحتج من لم ينله بعدم تحقق العدالة.

وبما أن الجزاء الأخروي متوافق مع الأعمال والتكاليف في الدنيا؛ فإن الرضوان الإلهي مرتبط بأعظم عبودية يؤديها الإنسان، وهي الرضا والتسليم المطلق لله تعالى، كما أشار إلى ذلك قوله a: (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء، وإن الله تعالى إذا أحب قوما


[186] رواه البخاري 11 / 363 و364، ومسلم رقم (2829)

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 223
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست