اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 206
أبدا؛ فبالنيّات خلّد هؤلاء وهؤلاء
ثمّ تلا قوله تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِهِ﴾
[الإسراء: 84]، يعني على نيّته)([165])
ولهذا ورد في النصوص المقدسة
الكثيرة أن مراتب الناس في الآخرة، لا تتحدد بالأعمال فقط، وإنما بالنيات أيضا،
فقد قال رسول الله a: (إنّما الدّنيا لأربعة نفر، عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتّقي
فيه ربّه، ويصل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقّا، فهذا بأفضل المنازل، وعبد رزقه الله
علما ولم يرزقه مالا، فهو صادق النّيّة. يقول: لو أنّ لي مالا لعملت بعمل فلان فهو
نيّته، فأجرهما سواء، وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما، فهو يخبط في ماله بغير
علم لا يتّقي فيه ربّه، ولا يصل فيه رحمه، ولا يعلم لله فيه حقّا، فهذا بأخبث
المنازل، وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما، فهو يقول: لو أنّ لي مالا لعملت فيه
بعمل فلان، فهو نيّته، فوزرهما سواء)([166])
وفي حديث آخر عن رسول الله a أنه قال: (إنّ العبد ليعمل
أعمالا حسنة فتصعد بها الملائكة في صحف مختتمة فتلقى بين يدي الله عزّ وجلّ فيقول:
ألقوا هذه الصحيفة فإنّه لم يرد بما فيها وجهي، ثمّ ينادي الملائكة اكتبوا له كذا
وكذا فتقولون يا ربّنا إنّه لم يعمل شيئا من ذلك، فيقول: إنّه نواه إنّه نواه)([167])
وفي مقابل ذلك روي في أخبار
الأنبياء عليهم السلام أنّ رجلا مرّ بكثبان رمل في مجاعة فقال في نفسه، وهو صادق
في قوله: (لو كان هذا الرّمل طعاما لقسّمته بين الناس)، فأوحى الله تعالى إلى
نبيّهم أن قل له: (إنّ الله قد قبل صدقتك وشكر حسن نيّتك وأعطاك