اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 203
مِن السماء إلى الأرض، وعترتي أهل
بيتي، ولنْ يفترقا حتّى يردا عليّ الحوض، فانظروا كيف تخلفوني فيهما)([159])
ومع وضوح الحديث، ومع دلالة الواقع
عليه إلا أنه تعرض للتأويل والتبديل؛ فحُصر في بعض معانيه، ولم يفعل في أهمها، وهو
اعتبارهم معيارا للتمييز بين الحق والباطل.
ولذلك كان الناس بعد النبوة يتركون الإمام علي، الذي قال فيه رسول الله a: (أنا مدينة العلم، وعلى بابها، فمن
أراد العلم فليأت الباب)([160])، تركوه ليطرقوا كل
الأبواب، إلا بابه، مع أنه باب الهداية التي لم تدنس، والحقيقة التي لم تختلط.
ومع أنه يصيح فيهم بكل حزن وأسى: (سلوني قبل أن تفقدوني، فو الّذي
نفسي! بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم وبين السّاعة، ولا عن فئة تهدي مائة
وتضلّ مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها وقائدها وسائقها، ومناخ ركابها، ومحطّ رحالها،
ومن يقتل من أهلها قتلا، ومن يموت منهم موتا)([161])
وكان يقول لهم: (سلوني عن كتاب الله، فو الله! ما
نزلت آية من كتاب الله في ليل ونهار ولا مسير، ولا مقام إلاّ وقد أقرأنيها رسول
الله a وعلّمني تأويلها..)([162])
وكان يقول،
وهو ممتلئ حزنا وأسفا: (هاه إن ههنا لعلما جما - وأشار بيده إلى صدره –
[159] الحديث متواتر، وقد ورد بصيغ كثيرة رواه
أحمد ومسلم والترمذي وغيرهم، وقد نص الألباني على صحته انظر حديث رقم: 2458 في
صحيح الجامع.
[160] الترمذى (5/637، رقم 3723)، والحاكم
(3/138، رقم 4639)، وغيرهما.
[161] شرح الأخبار 1: 139، وقد روى الحاكم في
المستدرك [رقم الحديث: (3394)] عن عامر بن واثلة، قال: سمعت علياً قام، فقال:
سلوني قبل أن تفقدوني، ولن تسألوا بعدي مثلي، فقام ابن الكواء فقال: من الذين
بدلوانعمة الله كفراً وأحلوا قومهم دار البوار؟، قال: منافقو قريش، قال: فمن الذين
ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا؟، قال: منهم أهل حروراء)،
قال الحاكم: هذا حديث صحيح عال.