اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 142
معتدلة لا يغلب فيها جانب جانبا،
فطلبوا عبادة الله بما أحبوا لا بما أحب، مع أن أفضل العبادة هي أن يؤدي المؤمن ما
طلب منه أولا.
ومما يروى في هذا أنه لما آخى النبي
a بين سلمان وأبي
الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة فقال لها: ما شأنك؟ قالت:
أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا؛ فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاماً فقال
له: كل فإني صائم. قال: ما أنا بآكل حتى نأكل. فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو
الدرداء يقوم فقال: نم. فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم. فلما كان آخر الليل قال
سلمان: قم الآن. فصليا جميعا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك
حقاً، لأهلك عليك حقاً، فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي a فذكر ذلك له، فقال النبي a:(صدق سلمان)([102])
فأبو الدرداء في هذا الحديث لاحظ
ناحية تصور أنها هي الأصل، وغابت عنه نواح أخرى لا تقل عن الناحية التي لا حظها،
وهي حق زوجه، بل حق نفسه في الراحة لأن الله لم يخلق لنا هذه الأجساد لنعذبها، بل
لنطيعه بها، زيادة على أن قصور هذه الأجساد سيمنعه من عبادات أخرى كثيرة.
ولهذا كان a يلاحظ في التكاليف طاقة البشر، لأن
العبادات موجهة للبشر، فعندما واصل بعضهم نهاه، فلما قالوا:(إنك تواصل؟)قال:(إني
لست كهيئتكم إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني)([103])
بل كان a يدع العمل وهو يحب أن يعمل خشية أن
يعمل به الناس فيفرض