responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 140

ولذلك كان للإيمان والتزكية دورهما العظيم في حفظ الصحة، لأنهما يوفران البيئة المناسبة لها.. وفي جوانبها المختلفة.

ففي التغذية مثلا، تحض النصوص المقدسة على وجوب الأكل من الطيبات، ومن غير إسراف.. لأن في طقوس الجوع الشديد الذي تدعو إليه بعض الأديان المحرفة ما يضر بالصحة، وفي الإسراف والبذخ والترف ما يضر بها أيضا، ولهذا قال الله تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ [الأعراف: 31]

وهكذا في أخذ الزينة؛ فإن الشريعة السمحة لم تحرم الزينة مطلقا، مثلما تفعل بعض الأديان المحرفة، وإنما تبيحها، ولكن في حدودها ووفق

الضوابط التي لا تضر بالصحة النفسية والاجتماعية، كما قال تعالى: ﴿ قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ الله الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 32]

لكن هذه الزينة إن بولغ فيها، وأدت بضرر على المجتمع، حرمت، ولهذا حرم الله تعالى الترف، فقال: ﴿وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]

فالآية الكريمة تشير إلى أن كثرة المترفين أو انتشار قيم الترف والبذخ في مجتمع من المجتمعات ([99]) مؤذن بهلاكها..


[99] الأقوال في تفسير كلمة (الأمر) الواردة في الآية الكريمة ثلاثة، وهي:

الأول: أنه من الأمر، وفي الكلام إضمار، تقديره: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا، ومثله في الكلام: أمرتك فعصيتني، فقد علم أن المعصية مخالفة الأمر.

والثاني: كثَّرنا يقال: أمرت الشيء وآمرته، أي: كثَّرته، ومنه قولهم: مهرة مأمورة، أي: كثيرة النتاج، يقال: أَمِرَ بنو فلان يأمرون أمراً: إذا كثروا.

والثالث: أنَّ معنى أَمرنا أمّرنا، يقال: أَمرت الرجل، بمعنى، أمّرته، والمعنى: سلّطنا مترفيها بالإمارة.

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 140
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست