responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 10

29]

ولذلك فإن كل التيه والغربة والكآبة والإحباط ناشئة من ذلك الجهل المطبق بالنفس نتيجة فصلها عن خالقها، وبعدها عن ربها، وتوهمها أنها يمكن أن تحقق سعادتها ورغباتها بالبعد عنه؛ فتجري وتلهث وراء كل شيء إلى أن تكتشف أن كل ما تلهث وراءه مجرد سراب، وأن الماء الحقيقي عند الله.. ولذلك قال الله تعالى في تلك الآية الكريمة مخبرا عن نهاية من كان يلهث وراء السراب: ﴿وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ﴾ [النور: 39]

ولذلك فإن هذه المعاني وحدها هي من يملأ القلوب بكل أنواع السلوى؛ فالفقير العارف بربه الواجد له، لن يحزن على الثروات التي يراها في يد غيره، ولن يحسدهم، ولن يتمنى أن يكون له مثلهم، وكيف يفعل ذلك، وقد وجد أغنى الأغنياء وأكرم الكرماء.. والذي لولاه لم يكن لهم شيء؛ فلذلك يستغني به عما سواه.. بل يرى نفسه أغنى ممن سواه، لأنه صار في صحبة الكنز الذي لا يفنى، والكرم الذي لا يُحد.

وهكذا ترى المريض والمتألم والمظلوم.. وغيرهم جميعا، قد تصاب أجسادهم بالأدواء والآلام، لكن نفوسهم وعقولهم وقلوبهم وأرواحهم في معارجها المقدسة ممتلئة بالسعادة، لأنها تعلم أن كل ما أصابها لا يساوي شيئا أمام تلك المكاسب العظيمة التي وجدتها، وهي ربها..

فلذلك كان اكتشاف [الله]، والتعرف على عظمته وأسمائه الحسنى أعظم اكتشاف لأي إنسان، لأنه لا يرتبط بمعلومات يتعلمها، ولا بمصالح محدودة يحققها، وإنما يرتبط بحقيقته وحقيقة الوجود والمصير الذي ينتظره.

هذه هي الحقيقة العظيمة التي جهلها أكثر البشر؛ فتوهموا أن اكتشافهم لأمريكا أعظم من اكتشافهم لله؛ فلذلك راحوا يسخرون ممن يتحدث عن ربه، أو يبين لهم ما اكتشفه

 

 

اسم الکتاب : مواهب النفس المرضية المؤلف : أبو لحية، نور الدين    الجزء : 1  صفحة : 10
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست