اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 96
من رزقه كما يفر من الموت
لأدركه رزقه كما يدركه الموت)، ثم قال: (إنّ الله بعدله وقسطه جعل الروح والراحة
في اليقين والرضا، وجعل الهم والحزن في الشك والسخط)([185])
ويقول: (اليقين يُوصل
العبد إلى كل حال سنيّ، ومقام عجيب)([186])
ويروي عن رسول الله a
في ذلك أنه صلّى بالناس، الصبح فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه
مصفرّا لونه، قد نحف جسمه، وغارت عيناه في رأسه، فقال له رسول الله a: (كيف أصبحت يا فلان ؟).. قال: (أصبحت يا رسول الله موقنا)، فعجب
رسوله الله a من قوله، وقال له: (إنّ لكل يقين حقيقة فما حقيقة
يقينك؟).. فقال: (فإنّ يقيني يا رسول الله هو الذي أحزنني، وأسهر ليلي، وأظمأ
هواجري، فعَزَفت نفسي عن الدنيا وما فيها، حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب
للحساب، وحشر الخلايق لذلك وأنا فيهم، وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون في الجنة
ويتعارفون على الأرائك متكئون، وكأني أنظر إلى أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون،
وكأني الآن أسمع زفير النار يدور في مسامعي، فقال رسول الله a: (هذا عبد نوّر
الله قلبه بالإيمان)، ثم قال له: (الزم ما أنت عليه)، فقال الشاب: (ادع الله لي يا
رسول الله أن أُرزق الشهادة معك، فدعا له رسول الله a، فلم يلبث أن خرج
في بعض غزوات النبي a فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر)([187])
وهكذا يذكر الإمام علي دور
اليقين في تيسير المجاهدة، فيقول في وصف المتقين: (هجم بهم العلم على حقائق
الأمور، وباشروا روح اليقين، واستلانوا ما استوعره المترفون،