اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 93
تُشْرِكُونَ&﴾
(الأنعام: 78)
والكثير قد يتصور أن ما
ذكره إبراهيم عليه السلام هو من باب التمثيل والاحتيال لإرشاد قومه، ونحن لا ننكر
هذا، ولا ننكر كذلك أن الله تعالى يصف لنا الطريق الذي سلكه إبراهيم عليه السلام
للوصول إلى الله، لا إلى اعتقاد وجوده أو تفرده بالألوهية فحسب، وإنما إلى معان
أخرى أعمق وأجل.
ولهذا يرتبط اليقين في
القرآن الكريم بأصحاب الدرجات العالية من المؤمنين، من أمثال الأنبياء وأئمة
الهدى، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ
بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يُوقِنُونَ﴾ (السجدة:24)
بل إن الله تعالى يذكر أن
الغرض من تنويع الآيات في الكون وتكثيرها تحقيق اليقين، ذلك أنه كلما كثرت المظاهر
الدلة على القدرة الإلهية أو غيرها من الصفات كلما كان اليقين بها أعظم، كما قال
تعالى عن آيات الله الكونية المتجلية في الأرض: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ
لِلْمُوقِنِينَ﴾ (الذريات:20)
وقال عن خلق الإنسان وعالم
الحياة: ﴿وَفِي خَلْقِكُمْ وَمَا يَبُثُّ مِنْ دَابَّةٍ آيَاتٌ لِقَوْمٍ
يُوقِنُونَ﴾ (الجاثية:4)
وقال عن عالم الأفلاك: ﴿رَبِّ
السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾
(الدخان:7)
وهكذا الأمر بالنسبة لكتاب
الله الناطق، فحقائقه التي هي بصائر البصائر لا يراها ولا يعرفها ولا يهتدي بها
غير الموقنين، قال تعالى: ﴿هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ
لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ﴾ (الجاثية:20)
ومثل ذلك أحكام الله لا
يدرك حكمها، ويستكنه أسرارها، ويعرف وجوه المنافع
اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 93