اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 87
عن
أهله، لتتعلم على أيديهم، مثلما فعل موسى عليه السلام عندما رحل تلك المسافات
الطويلة ليلاقي أستاذه..
وإياك
أن تضع علمك بيد قوتك الوهمية وعقلك المخادع، فتجعل منه وسيلة لاقتناص الدنيا، بما
فيها من جاه ومال وسلطة.. بدل أن تقتنص به المكارم والحقائق التي تسعدك في الدنيا
والآخرة.
واعلم
ـ أيها المريد الصادق ـ أن أقرب الطرق للعلم النافع تقوى الله تعالى.. فالله تعالى
يرزق من اتقاه من العلوم والمعارف ما لا يمكن أن يظفر به في أي جامعة من جامعات
الدنيا، فقد قال تعالى: ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ
وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 282]، فانظر كيف قرن الله
التقوى بالعلم؛ فلا يتعلم حقيقة العلم إلا من اتقى الله حق التقوى.
وقد
قال بعض الحكماء يشير إلى هذه المدرسة الربانية: (إن المتأهب الطالب للمزيد،
المتعرض لنفحات الجود بأسرار الوجود إذا لزم الخلوة والذكر، وفرَّغ المحل من
الفكر، وقعد فقيراً لا شيء له عند باب ربه، حينئذ يمنحه الله تعالى، ويعطيه من العلم
به والأسرار الإلهية والمعارف الربانية التي أثنى الله سبحانه بها على عبده خضر
فقال: ﴿عبْداً مِنْ عِبادِنا آتيناهُ رحمَةً مِنْ عندِنا وعَلَّمْناهُ مِنْ
لَدُنّا علماً﴾ [الكهف: 65]. وقال تعالى: ﴿واتَّقوا
اللهَ ويُعَلِّمُكُمُ اللهُ﴾ [البقرة: 282]. قال تعالى: ﴿إنْ
تتَّقوا اللهَ يَجعَلْ لكُمْ فُرقاناً﴾ [الأنفال: 29]. وقال: ﴿ويجعلْ
لَكُمْ نُوراً تمشونَ به﴾ [الحديد: 28].. فيحصل لصاحب الهمة في الخلوة
مع الله وبه جلَّت هيبته وعظمت منته، من العلوم ما يغيب عندها كل متكلم على
البسيطة، بل كل صاحب نظر وبرهان، ليست له هذه الحالة) ([178])..