اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 86
السائل،
فقال له: إن الفقهاء يخالفونك، فقال الحكيم: (ثكلتك أمّك، وهل رأيت فقيها بعينك!
إنما الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة
ربه، الورع الكافّ نفسه عن أعراض المسلمين، العفيف عن أموالهم، الناصح لجماعتهم)
ومثل ذلك علم التوحيد،
والذي تحول إلى (صناعة الكلام، ومعرفة طريق المجادلة، والإحاطة بطرق مناقضات
الخصوم، والقدرة على التشدق فيها بتكثير الأسئلة وإثارة الشبهات، وتأليف
الالزامات، حتى لقب طوائف منهم أنفسهم بأهل العدل والتوحيد، وسمى المتكلمون،
العلماء بالتوحيد) ([176])
مع أن علم التوحيد الحقيقي
أعظم من أن يختصر في ذلك، لأنه العلم الذي يعرف بالله تعالى، ويعمق به، وبأسمائه
الحسنى وصفاته، ومن آثاره في نفس المتعلم له (أن يرى الأمور كلها من اللَّه عز وجل
رؤية تقطع التفاته عن الأسباب والوسائط، فلا يرى الخير والشر كله إلا منه جل جلاله..
وهذا مقام شريف إحدى ثمراته التوكل.. ومن ثمراته ترك شكاية الخلق، وترك الغضب
عليهم، والرضا والتسليم لحكم اللَّه تعالى) ([177])
وهكذا
ـ أيها المريد الصادق ـ يمكنك أن تجد الكثير من فروع العلم التي نشأت في عصرك،
وكلها تدخل في الباب الذي يقال عنه [علم لا ينفع، وجهل لا يضر]
ولهذا
لا ترى آثار العلم النافع على المقبلين على أمثال تلك العلوم، لأنهم مثل ذلك
المريض الذي تنهش جسمه الأمراض، وبدل أن يبحث عن كيفية علاجها، راح يتعلم كيفية
قراءة الفنجان، أو الضرب على الرمل؛ فلا داءه عالجه، ولا العلوم التي تعلمها
نفعته.
هذا
جوابي على أسئلتك ـ أيها المريد الصادق ـ فاسع لأن تطلب العلم النافع، وتبحث