اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 85
لا
يؤثر في تصحيح السلوك، أو في التعريف بالله، أو في منفعة الخلق، علم قد لا يضر
لكنه لا ينفع.
واحذر
من تلك الخدع التي ينصبها الشيطان لتضليل العباد، وصرفهم عن العلوم التي تنفعهم في
دنياهم وأخراهم، فهو لا يجتهد في شيء، كما يجتهد في هذا الجانب..
وقد
ذكر بعض الحكماء تلك الخدع التي لبس بها الشيطان على أهل عصره؛ فراح يحرف العلوم،
بتسميتها بغير أسمائها، وضرب مثالا على ذلك بالفقه، الذي ورد الحث عليه في قوله
تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا
نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ
وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾
[التوبة: 122]، حيث (تصرفوا فيه.. إذ خصصوه بمعرفة الفروع الغريبة في الفتاوى،
والوقوف على دقائق عللها، واستكثار الكلام فيها، وحفظ المقالات المتعلقة بها، فمن
كان أشد تعمقا فيها وأكثر اشتغالا بها يقال هو الأفقه)([174])
بينما
اسم الفقه الحقيقي لم يكن يطلق في العصر الأوّل إلا على (علم طريق الآخرة، ومعرفة
دقائق آفات النفوس ومفسدات الأعمال، وقوة الإحاطة بحقارة الدنيا، وشدة التطلع إلى
نعيم الآخرة، واستيلاء الخوف على القلب، وما يحصل به الإنذار والتخويف.. دون
تفريعات الطلاق والعتاق واللعان والسلم والإجارة، فذلك لا يحصل به إنذار ولا
تخويف، بل التجرد له على الدوام يقسي القلب وينزع الخشية منه كما نشاهد الآن من
المتجردين له) ([175])
ومما
يروى في هذا عن بعضهم أنه سئل عن شيء، فأجاب بخلاف ما كان يظن