وقال الإمام الصادق:
(دعامة الإنسان العقل، ومن العقل: الفطنة، والفهم، والحفظ، والعلم.. فإذا كان تأييد
عقله من النور، كان عالما حافظا زكيا فطنا فهما، وبالعقل يكمل، وهو دليله ومبصّره
ومفتاح أمره)([116])
إذا عرفت هذا ـ أيها المريد
الصادق ـ فاعلم أن العقل الذي تحدثت عنه كل هذه النصوص لا يراد به ما تعارف
عليه الناس من وفرة الذكاء، وحدته، وقوة الحافظة، ودقة الملاحظة، وغير ذلك مما
يتفاخر الناس به، ذلك أن كل تلك الأمور قد تصبح أدوات في يد القوة الوهمية، لتمكر
بها، وتحتال، وتخادع.
ولهذا أخبر الله تعالى عن
الانحراف الكبير الذي وقع فيه من أوتوا تلك الأدوات، ولكنهم أساءوا استخدامها،
فقال: ﴿ وَلَقَدْ مَكَّنَّاهُمْ فِيمَا إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ
وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ
سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا
يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾
[الأحقاف: 26]
فالآية الكريمة تشير إلى
أن هؤلاء الذين أوتوا من كل القوى والطاقات، لم يستخدموها في محالها الصحيحة،
وإنما اكتفوا باستخدامها في شؤون الدينا، بينما راحوا