اسم الکتاب : منازل النفس المطمئنة المؤلف : أبو لحية، نور الدين الجزء : 1 صفحة : 67
وقد ضرب الإمام الصادق
لذلك مثالا، فقال: (إنّ الثواب على قدر العقل، إنّ رجلا من بني إسرائيل كان يعبد
الله عزّ وجلّ في جزيرة من جزائر البحر خضراء نضرة كثيرة الشجر طاهرة الماء، وإنّ
ملَكا ًمن الملائكة مرّ به، فقال: يا رب.. أرني ثواب عبدك هذا، فأراه الله عزّ
وجلّ ذلك، فاستقلّه الملك، فأوحى الله عزّ وجلّ إليه أن اصحبه. فأتاه الملك في
صورة أنسي، فقال له: (مَن أنت ؟).. قال: (أنا رجلٌ عابدٌ بلغنا مكانك وعبادتك بهذا
المكان، فجئت لأعبد معك، فكان معه يومه ذلك، فلما أصبح قال له الملك: (إنّ مكانك
لنزهة، قال: ليت لربنا بهيمة، فلو كان لربنا حمار لرعيناه في هذا الموضع، فإنّ هذا
الحشيش يضيع، فقال له الملك: وما لربك حمار ؟.. فقال: لو كان له حمار ما كان يضيع
مثل هذا الحشيش.. فأوحى الله عزّ وجلّ إلى الملك: (إنما أثيبه على قدر عقله)([110])
وهكذا ورد في الروايات
الكثيرة عن أئمة الهدى ما يدل على فضل العقل، وقيام الدين عليه، وأنه لا يمكن لأحد
أن يزكي نفسه، ولا أن يرقيها، وهو يعزل عقله، ومن ذلك ما روي عن الإمام علي أنه
قال: (أصل الإنسان لبّه، وعقله دينه، ومروته حيث يجعل نفسه، والأيام دول، والناس
إلى آدم شرع سواء)([111])
وقال: (ليس الرؤية مع
الأبصار، وقد تكذب العيون أهلها، ولا يغشّ العقل مَن انتصحه)([112])